لا يخفَى على أحد سوء الأوضاع التي وصل إليها المجتمع اللبناني بمختلف طبقاته وأطيافه. أزمةٍ تلو الأخرى، وغياب أي مسعى جدّي أو حلول واقعية، كل ذلك أوصلنا إلى واقعٍ مريرٍ نحاول يوميًا التعايش معه.
بيروت التي تُعرف بمنارة الشرق، لسخرية القدر، في عام 2022، لا تبصر النور – لا كهرباء – أكثر من 3 ساعات خلال 24 ساعة (!). خيمةٌ سوداء تظلل العاصمة، وظلامٌ دامسٌ يتسلل بين شوارعها، منتزعًا مظهر الحياة عن مدينةٍ لطالما نبضت تجددًا فوق كل عائق، ومزعزعًا معه أمان وطمأنينة سكانها، من سطوة خفافيش الظلام والظلمات.
مع وطأة كل ذلك، يأتي من يأخذ على عاتقه دعم مجتمعه وتغطية تقصير الدولة بوزاراتها وأجهزتها، بمبادرات خاصّة تعيد لبيروت روحها، وتؤكّد المؤكّد: بيروت تستمر بأبنائها. أبرزها كانت مبادرة مؤسسة مخزومي، بدعمٍ من رئيسها الفخري سعادة النائب فؤاد مخزومي، لإنارة شوارع بيروت بالطاقة الشمسية.
حيث أعلنت بوقتٍ سابقٍ مؤسسة مخزومي عن انتهاء المرحلتين الأولى والثانية من مبادرة “بيروت منوّرة”، حيث تم تركيب 550 لوحة إنارة تعمل على الطاقة الشمسية، من أجود النوعيات، في عدد من مناطق بيروت، مترقبّةً انطلاق المرحلة الثالثة والأخيرة لمتابعة تزويد شوارع العاصمة بالطاقة المتجددة.
قولًا وفعلًا عوّدتنا مؤسسة مخزومي… لا، بل فعلًا قبل القول كان نهج هذه المؤسسة المُحبّة والمحبوبة، منذ أكثر من 25 سنة.
هذه المبادرة لا تنحصر أهميتها في تأمين الضوء فحسب لشوارع العاصمة. إنما هي مبادرة طبيب أعاد الروح لمريضه، مبادرة أُمٌ أعادت الأمان لطفلها المرتعب، مبادرة أبٍ محبٍ لم يبخل يومًا على أبناءه. إذ بعد هذه المبادرة، عدنا لنرى شوارع العاصمة “منوّرة”، الأسواق التجارية لم تعد مظللة بعتمٍ يفقر تجارتها فوق فقر الوضع المعيشي، وخفافيش الظلام فقدوا خيمة العتم التي تغطيهم.
وقد شملت كل من المرحلة الأولى والثانية كورنيش المزرعة، وشارع بشارة الخوري، ومستديرة جامع عثمان بن عفّان، وشارع دونا ماريا في رأس النبع، وشارع زريق في منطقة بربور، وشارع مار الياس، وشارع الحمرا، ومستديرة الكولا، والملعب البلدي، وشارع مستشفى المقاصد، ومنطقة طريق الجديدة، وشارع صبرا، وأرض جلول، وميناء الدالية، والحمام العسكري، وشارع الأخطل الصغير.
هذه المبادرة، وان لم تكن هي الحل النهائي لأزمةٍ لطالما عانينا منها كشعبٍ لبناني، أزمة الكهرباء، انما هي خطوة نحو تذليل الصعاب، ومحاولة لسد نقصٍ، وعملٍ يُثبت عشقاً لمدينة الحياة بيروت.
رغم بعض محاولات تطبيع عمل مؤسسة ومخزومي ومحاولات ربط هذه المبادرة باستحقاقاتٍ انتخابيّة… انطلقت المبادرة، أتت الانتخابات وذهبت، تابعت المبادرة، وستستمر. فأين هم من راهنوا على توقفها بعد 15 أيار؟
الجواب يكون دائمًا بشعار المؤسسة… معًا بدأنا، بكم نجحنا، ومن أجلكم نستمر!